برحليون وديرونا

دير ديرونا في برحليون ملجأ البطاركة الموارنة
جعله الإهمال "خربة" مهجورة... بلا حماية !



بقايا دير ديرونا

كتبت زينة خليل - النهار

تقع برحليون فوق أكمة تطل على البحر ومنطقة الكورة في آن معاً، وهي تعود الى العصور التاريخية حيث تحوطها الآثار القديمة من كل جانب.

وبرحليون كلمة سريانية تعني "الإبن الحلو" – هذا ما أكده أنيس فريحة – أما ابناء القرية فيعتبرون ان اسمها يعني "البئر الحلو"، معتمدين على وجود الكثير من خوابي الدبس ومعاصر العنب في القرية.

وتضم القرية عدداً من النواويس المحفورة في الصخر التي كانت تستخدم لدفن الملوك والامراء، اضافة الى وجود أديرة اثرية اهمها دير ديرونا الذي اشار اليه الاب هنري لامنس اليسوعي بالقول: "كلمة ديرونا تعني الدير الصغير ويعود تاريخه الى عام 1280". ويضم الدير اليوم عدداً من المعالم الدينية التي تحتاج الى اعادة تأهيل كونه يمثل حقبة التاريخ المسيحي في المنطقة.


موئل البطاركة

"انهم يحملون بيوتهم على ظهورهم"، هكذا وصف البطاركة الموارنة في تلك الحقبة، وخصوصاً "ان هؤلاء لم يستقروا في مكان ثابت بسبب الاضطهادات. فمن يانوح في جبة المنيطرة، الى سيدة إيليج ولحفد وهابيل وصولاً الى برحليون حيث كان موئل البطاركة أسوة ببقية الحمى التي لجأوا اليها هرباً من الاضطهاد.

لم يعرف حتى اليوم من جعل دير ديرونا مركزاً "بطريركياً"، لكن البطريرك العلامة بولس مسعد اشار الى "ان البطريرك لوقا البنهراني سكن دير ديرونا، وكان اول من نقل المقر البطريركي من بلاد جبيل والبترون الى جبة بشري وجعل من لبنان الشمالي مقراً "للبطريركية المارونية".والجدير ذكره ان هذه المنطقة شهدت اضطرابات عدة ابرزها: هجمات المماليك، التهجير على يد آل عثمان وآل حماده. وفي قلب هذه الحوادث الأليمة، تهدمت الاديرة وخربت القرى، مما حدا بالخوري حنا كرم الى القول: ـتحولت بطريركية ديرونا خربة مهدورة بسبب الحوادث التي شهدتها".


مقرّ الرياضة الروحية

سيم الخوري يوحنا طراد كاهناً على دير سيدة ديرونا فقام باعادة ترميمها وانشاء مدرسة تهتم بتعليم القراءة والكتابة وتنشئة الاولاد على الايمان القويم. وقد جعل من سيدة ديرونا مقرّاً للرياضات الروحية لأبناء الأبرشية البطريركية المارونية في جبة بشري، وانشأ مكتبة ضمت كتباًً قيمة غفل عنها المؤرخون، ومجلدات باللغة السريانية اعتبرت مصدراً لكتابة التاريخ. وقال الخوري حنا كرم: "لم يسلم من هذه المكتبة شيء بفعل الانتهاكات التي تعرض لها الدير والمحاولات العديدة لاخفاء حقبة مهمة من تاريخ الكنيسة المارونية".


بقايا ديرونا

لم تنج ديرونا من الغزاة الذين لم يحافظوا على التراث الديني، فنهبت محتويات الكنيسة (الايقونات والمباخر والشمعدانات وغيرها...)، اضافة الى قطع الفسيفساء التي سرقت ابان الاحداث الاخيرة، فيما احرقت الكتب الدينية والليتورجية.

والكنيسة اليوم عبارة عن منطقة مهجورة تضم مذبحاً للعذراء مريم يعلوه بيت للقربان من الخشب. ورغم حالها المزرية لا تزال محجاً لزائري القرى المجاورة.

اما الدير فبناؤه شبه مهدم وبقي منه صامداً عدد من الجدران يلاحظ من يتأمل حجارها المختلفة وطريقة البناء انها تعرضت للترميم مرات عدة، إضافة الى غرف مهدمة واقبية مهملة في جدرانها كوات متنوعة، وفيها بئران قديمتان ومعصرة مطمورة بالتراب.

وأشار الخوري كرم الى "انه يجب الاشراف على ترميم هذا الموقع الديني لتبقى هذه المعالم صلة وصل تربطنا بالماضي". واضاف: "عند الترميم يجب مراعاة المقاييس المعمارية للهندسة الدينية لان استخدام الوسائل العشوائية تؤدي الى فقدان الطابع الديني والاثري لهذا الموقع".

فهل يعود دير ديرونا الى سابق عهده منبعاً للاشعاع الديني والفلسفي؟

منقول عن كتاب الخوري حنا كرم

.